تبلور العسل (تحبب، تجمد، تسكر، تجرش): عبارة عن تغير طبيعي في العسل السائل نتيجة عوامل عديدة, حيث يكون العسل سائلاً لزجًا عند نضجهِ، ثم يأخذ بالتبلور تدريجيًّا إلى أن يتجمد، وهنا تدور الكثير من التساؤلات حول هذا التبلور أو التجرّش أو التسكّر، وقد يصدر الحكم من قِبل الكثير من الناس بأن هذا العسل مغشوش وغير طبيعي، لكن هذه الآراء بالتأكيد غير صحيحة ولا تستند إلى المنطق العلمي أو التجربة العلمية، فكل عسل نقي طبيعي ممكن أن يتبلور، فالتلف يحدث فقط إذا حدث تخمر للعسل.
فعسل النحل عبارة عن محلول سكريّ فوق مشبع، بمعنى أن المواد الصلبة توجد بصورة أكثر من السائل في المحلول وهنا يجب أن نتذكر أن عسل النحل يحتوي نحو (20%) عشرين في المائة مياهًا فقط، ومن المعروف ان السكريات الأساسية في عسل النحل هي الجلوكوز والفركتوز والسكروز، والسكر، أما الذي يحدث له تبلور فهو سكر الجلوكوز أما الفركتوز والسكروز فيظلان في حالة الذوبانفي المحلول؛ فالعسل المتبلور هو العسل المُصفى بحالة طبيعية، تُرك في درجة حرارة أقل من (22 درجة مئوية) تتجمع السكريات على شكل بلورات تعطي العسل شكلاً حُبيبيًّا، وتعكر العسل في ذات الوقت الذي يتصلب قوامه، ويتشكل على سطحه غشاء رقيق أبيض وحُبيبيّ تزيد سماكته تدريجيًّا, وهذا ناتج عن تبلور سكر الجلوكوز، ويبقى سكر الفركتوز ذائبًا في الماء الذي لازال موجودًا بين بلورات الجلوكوز ولا تلبث البنية الحُبيبيَّة أن تجتاح مُجمل كتلة العسل وبشكل تدريجيّ .
إن بعض أنواع العسل تتبلور بصورة أكثر من الأنواع الأخرى، كما توجد بعض الأنواع لا يحدث لها تبلور، كما أن بعض الأعسال يتبلور بصورة متجانسة، بينما البعض الآخر قد يظهر سائلاً في الأعلى وتترسب البلورات في الأسفل، وتختلف سرعة التبلور من نوع إلى آخر، فبعض أنواع العسل يتبلور بعد إنتاجه مباشرة: مثل عسل عباد الشمس والقطن، والبعض الآخر قد يستمرّ على هيئة سائل لعدة سنوات مثل: عسل السدر.
الفرق بين العسل الخام والمكرَّر
العسل شديدُ الصفاء هو الذي يخضع لعملية تقطير فائقة، تجرِّدهُ من مواد كيميائية ومركباتٍ تجعل منه غذاءً شافيًا ومغذيًّا، حتى صفته العضوية التي باتت تضاف على معظم عُلب العسل الموجودة بالأسواق لا تضمن أن العسل خام؛ فإذا لم يكتب على المنتج خام، لابد أن يختار المشتري العبوة التي تحوي العسل غائمًا، وتكسوه بقايا ما يُعرف بلقاح الأزهار، أي البودرة الموجودة في الزهور.
العسل الخام قد يتبلور مع مرور الوقت إذا حصل لا يجب التخلص منه؛ لأن العسل لا يتعفن؛ لأنه مادةٌ حافظة بطبيعته، وتختلف ألوان العسل الخام باختلاف أنواع الزهور التي يمتص منها؛ فكلما كان اللون داكنًا كلما زاد غِنى العسل بمواد مضادةٍ للأكسدة.
العسل أغنى من غيره بالمواد المضادة من الأكسدة التي تقلل من أمراض السرطان، وتحمي من أمراض القلب.
النحلة تمزج الصمغ مع لعابها لتكون غشاءً مضاد من البكتيريا، وللفيروس، والفطريات، وهكذا تضمن عدم غزو مرض للخلايا.
دراساتُ عدة أظهر أن تناول العسل الخام يوميًّا يعالج ويحمي من تقرحات المعدة، منافع العسل الخام لا تُحصى؛ لذا من المنطق ينصح الاختصاصيون بأن يستبدل السكر ـ ولاسيما الأبيض ـ بالعسل.
وبالرغم من أن ملعقة صغيرة من العسل تحوي اثنين وعشرين سُعرة حرارية؛ إلا أن الكمية ذاتها من السكر تحوي خمسة عشر سعرًا حراريًّا فقط، ولكن نكهة العسل الحلوة أقوى بكثير؛ لذا يحتاج الفرد كمية أقل من السكر لتحلية شرابهِ أو طعامهِ.
أما فيما يخص العسل المكرر المراد به ـ وهو أحيانًا يكون عسل من نفس المصدر ـ ذاك العسل يدخل في مرحلة البسترة؛ لدرجة حرارة عالية حتى لا يتبلور، فمن المعروف أن غالبية التُجار، أو من يقومون بعملية التصنيع، والتعبئة، والتغليف يهمهم في المقام الأول أن يصبح العسل سائلاً؛ لذلك يدخلونه في عملية البسترة، والتي إذا زادت عن (42.5 درجة مئوية) اثنتين وأربعين درجة ونصف، تبدأ إنزيمات العسل في الهدر والتكسُّر؛ مما يؤثر في القيمة الدوائية للعسل، برغم بقاء القيمة الغذائية كما هي نظرًا لتماسك العناصر الغذائئة الثقيلة به، بينما العناصر الخفيفة الطيارة تتلاشى، وهذه المشكلة نجدها لدى منتجي العسل المعتمدين على الطرق البلديَّة في التصنيع، وتتمُّ عملية الفلترة خلالها تحت أشعة الشمس، والتي تؤثر في العسل بشكل سلبي.