الملكة لا تحكم خلية النحل!
نعلم جميعًا أنّ الملكة هي أهم فرد في مملكة النحل، إلا أنها لا تحكم خلية النحل على الإطلاق، غير أنها تنتج هرمونات تحدد مخـتلف نواحي سلوك النحل، وتتحكم هرمونات الملكة بسلوك الآخرين، فالعاملات وهن يقمن بتنظيف جسد الملكة يحملن هذه الهرمونات ويوزعنها بسرعة على باقي أفراد الخلية من النحل، ويتم ذلك خلال تبادل الطعام فمًّا لفمٍّ.
أما عمل الملكة الحقيقي فهو إنتاج البويضات؛ فالملكة هي الأنثى الوحيدة المكتملة جنسيًّا، أما العاملات فلم تكتمل الأعضاء الجنسية لديهن، ولا تقوم الملكة برعاية أبنائها، ولكنها تعتمد على العاملات اللاتي يحضنّ صغار النحل (اليرقات) ويطعمهنّ حتى تمام النمو.
إذن فإن من يحكم خلية النحل هنّ العاملات أنفسهنّ، فإنهنّ اللواتي يقررن متى وأين يجمعن رحيق الأزهار، وهنّ اللاتي يقررن متى يتم استبدال ملكتهن، وهن اللاتي يحدّدن متى يهاجرن في حشد كبير لتشكيل خلية جديدة، فلا خلاف بين العاملات ولا صراع، وهو ما جعلهن المتحكمات في حاضر الخلية ومستقبلها بلا منازع، ولا يمنع ذلك انصياعهن الكامل للملكة.
عملية تلقيح الملكة
من المعلومات المنتشرة أن ذكرًا واحدًا (يعسوبًا) هو الذي يلقّح الملكة، ولكن ثبت حديثًا أن الملكة تتلقح على الأقل بواسطة (7 : 8) سبعة إلى ثمانية ذكور، وقد تم إثبات ذلك بواسطة التصوير الإلكتروني عن طريق ربط الملكة بواسطة سلك يلف بسرعة، وتلحق الذكور بالملكة وبعد تلقيح الذكر الأول يقوم الذكر الثاني بنفس العملية بعد قرب موت الأول وهكذا حتى إتمام التلقيح، بعدها تقوم الشغالات بتنظيف الملكة وتغذيتها وبعد (3 : 4) ثلاثة إلى أربعةأيام تبدأ الملكة في وضع البيض.
كسل اليعاسيب
كانت نظرة الإنسان إلى ذكور النحل (اليعاسيب) نظرة خاطئة، فكان يـُظن أن هؤلاء الذكور كسالى لا يحبون العمل، فوظيفة ذكر النحل في حياته كلها هو تلقيح الملكة، بينما تشير الأدلة العلمية الحديثة إلى غير ذلك، فما هو بخامل عن العمل، إنما خلقه الله ـ عزَّ وجلَّ ـ غير قادر على القيام بما تقوم به العاملات، فليس في أرجله سلال يستطيع جمع حبوب اللقاح فيها، ولسانه قصير لا يقوى معه على امتصاص رحيق الأزهار، إنه في الحقيقة عاجز حتى عن تغذية نفسه، بل إنه يستجدي الطعام من زميلاته العاملات؛ فالكسل ليس من طباعه، ولكنه لا يقوى على القيام بما تستطيع العاملات القيام به، ولكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أوكل إليه عملاً آخر أكثر أهمية، متى أداه على الوجه الأكمل؛ ينتهِ دوره داخل المملكة، ولا يستطيع سوى عدد قليل من مئات الذكور إنجاز مهمتهم في الحياة، ألا وهي تلقيح الملكة، وتـتسبب عملية التزاوج هذه في موت الذكر الذي يؤدي تلك المهمة، والحقيقة أنه لو لم يكن هناك ذكور، لما أمكن حدوث الإخصاب، ولأدى ذلك إلى موت الخلية؛ وهو ما يوضح أهمية دوره الذي يغيب عن الكثيرين.
موقف الخلية إذا ماتت الملكة
إذا ماتت الملكة لأي سبب من الأسباب؛ تبدأ الشغالات في بناء عدد من الخلايا الملكية، وهي ذات شكل مميَّز شبيه بإصبع القفاز، وتقوم الشغالات بتربية عدَّة يرقات ملكية في آنٍ واحد وإطعامها الغذاء الملكي؛ وما أن يتم فقس أول بيضة عن ملكة، حتى تبدأ حملة قتل جماعية تستهدف جميع الملكات العذارى التي لم تنته من تطورها بعد، فالتشريعات في مملكة النحل تقضي بأن لا يبقي في المملكة الواحدة سوى ملكة واحدة فقط، إلا فيما ندر